الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
الغنائم جمع غنيمة قال في القاموس المغنم والغنيم والغنيمة والغنم بالضم الفيء، غنم بالكسر غنما بالضم وبالفتح وبالتحريك وغنيمة وغنمانا بالضم الفوز بالشيء بلا مشقة ا هـ. وفي المغرب الغنيمة ما نيل من أهل الشرك عن أبي عبيدة عنوة والحرب قائمة وحكمها أن تخمس وسائرها بعد الخمس للغانمين خاصة والفيء ما نيل منهم بعد ما تضع الحرب أوزارها وتصير الدار دار سلام وحكمه أن يكون لكافة المسلمين ولا يخمس ا هـ. (قوله: ما فتح الإمام عنوة قسم بيننا أو أقر أهلها ووضع الجزية والخراج) أي الجزية على رءوسهم والخراج على أراضيهم والعنوة القهر كما في القاموس وبه اندفع ما في شروح الهداية فالقسمة اتباع لفعله عليه السلام بخيبر وعدمها اتباع لفعل عمر رضي الله عنه بسواد العراق بموافقة من الصحابة ولم يجد من خالفه وفي كل من ذلك قدوة فيتخير وقيل الأول وهو الأولى عند حاجة الغانمين والثاني عند عدم الحاجة ليكون عدة في الزمان الثاني ولا يخفى أن القسمة بعد إخراج الخمس قيد بالأراضي لأن في المنقول المجرد لا يجوز المن بالرد عليهم لأنه لم يرد به الشرع فيه وفي العقار خلاف الشافعي لأن في المن إبطال حق الغانمين أو ملكهم فلا يجوز من غير بدل يعادله والخراج غير معادل لقلته بخلاف الرقاب لأن للإمام أن يبطل حقهم رأسا إما بالعوض القليل وإما بالقتل. والحجة عليه ما روينا ولأن فيه نظرا لهم لأنهم كالأكرة العاملة للمسلمين العالمة بوجوه الزراعة، والمؤن مرتفعة مع أنه يخطئ به الذين يأتون من بعد، والخراج وإن قل حالا فقد جل مآلا وهو المن عليهم برقابهم وأراضيهم فقط وقسمة الباقي لدوامه وإن من عليهم بالرقاب والأراضي يدفع إليهم من المنقولات قدر ما يتهيأ لهم العمل ليخرج عن حد الكراهة. (قوله: وقتل الأسرى أو استرق أو تركهم أحرار ذمة لنا) يعني أن الإمام بالخيار إن شاء قتلهم لأنه عليه السلام قد قتل ولأن فيه حسم مادة الفساد وإن شاء استرقهم لأن فيه دفع شرهم مع وفور المنفعة لأهل الإسلام وإن شاء تركهم أحرارا ذمة للمسلمين لما بينا إلا مشركي العرب والمرتدين فإنهم لا يسترقون ولا يكونون ذمة على ما نبين إن شاء الله تعالى وليس له فيمن أسلم منهم إلا الاسترقاق لأن قتله أو وضع الجزية عليه بعد إسلامه لا يجوز. قيد بكون الخيار للإمام لأنه ليس لواحد من الغزاة أن يقتل أسيرا بنفسه لأن الرأي فيه إلى الإمام فقد يرى مصلحة المسلمين في استرقاقه فليس له أن يفتات عليه. وعلى هذا فلو قتل بلا ملجئ بأن خاف القاتل شر الأسير كان له أن يعزره إذا وقع على خلاف مقصوده ولكن لا يضمن بقتله شيئا كذا في فتح القدير وفي القاموس الأسير الأخيذ والمقيد والمسجون، والجمع أسراء وأسارى وأسارى وأسرى. (قوله: وحرم ردهم إلى دار الحرب والفداء والمن) لأن في ردهم تقويتهم على المسلمين وفي الفداء بهم معونة الكفرة لأنه يعود حربا علينا، ودفع شر حرابه خير من استخلاص الأسير المسلم لأنه إذا بقي في أيديهم كان ابتلاء في حقه غير مضاف إلينا، والإعانة بدفع أسيرهم إليهم مضاف إلينا فلا يجوز عند الإمام أبي حنيفة وجوزا أن يفادي أسرى المسلمين تخليصا للمسلم وجوابه ما مر. أطلق في منع الفداء فشمل الشيخ الكبير الذي لا يرجى له نسل وعن محمد جوازه كما في الولوالجية وشمل إطلاق الحربي وأخذ المسلم الأسير عوضا عنه واستنقاذه منا بمال نأخذه منه قال في المغرب فداه من الأسر فداء وفدى: استنقذه منه بمال. والفدية اسم ذلك المال. والمفاداة بين اثنين يقال فاداه إذا أطلقه وأخذ فديته وعن المبرد المفاداة أن تدفع رجلا وتأخذ رجلا والفداء أن تشتريه وقيل هما بمعنى ا هـ. وفي الثاني خلاف ففي المشهور من المذهب لا يجوز وفي السير الكبير لا بأس به إذا كان بالمسلمين حاجة استدلالا بأسرى بدر ولو كان أسلم الأسير في أيدينا لا يفادى بمسلم أسر في أيديهم لأنه لا يفيد إلا إذا طابت نفسه به وهو مأمون على إسلامه وأما المن فقال في القاموس من عليه منا أنعم واصطنع عنده صنيعة ا هـ. واختلفت العبارات في المراد به هنا ففي فتح القدير هو أن يطلقهم إلى دار الحرب بغير شيء وفي غاية البيان والنهاية هو الإنعام عليهم بأن يتركهم مجانا بدون إجراء الأحكام عليهم من القتل والاسترقاق أو تركهم ذمة للمسلمين ا هـ. ولا يصح الأول في كلام المختصر لأنه هو عين قوله وحرم ردهم إلى دار الحرب وإنما حرم لأن بالأسر ثبت حق الغانمين فلا يجوز إبطال ذلك بغير عوض كسائر الأموال المغنومة وقيد بفداء الكفار لأنه يجوز فداء أسرى المسلمين به الذين في دار الحرب بالدراهم والدنانير وما ليس فيه قوة للحرب كالثياب وغيرها ولا يفادون بالسلاح كذا في غاية البيان وظاهر الولوالجية أنه يجوز مفاداة أسرى المسلمين بالسلاح والكراع اتفاقا. (قوله: وعقر مواش شق إخراجها فتذبح وتحرق) أي وحرم عقر المواشي لأنه مثلة فيذبحها لأن ذبح الحيوان يجوز لغرض صحيح ولا غرض أصح من كسر شوكة الأعداء ثم تحرق بالنار لتنقطع منفعته عن الكفار وصار كتخريب البنيان بخلاف التحريق قبل الذبح لأنه منهي عنه قال في المحيط وأشار إلى أنه يحرق الأسلحة والأمتعة إذا تعذر نقلها وما لا يحترق منها يدفن في موضع لا يقف عليه الكفار إبطالا للمنفعة عليهم قال في المغرب عقره عقرا جرحه وعقر الناقة بالسيف ضرب قوائمها، والمواشي جمع ماشية وهي الإبل والبقر والغنم وقيد بالمواشي احترازا عن النساء والصبيان التي يشق إخراجها فإنها تترك في أرض خربة حتى يموتوا جوعا كي لا يعودوا حربا علينا لأن النساء يقع بهن النسل وأما الصبيان فإنهم يبلغون فيصيرون حربا علينا كذا في فتاوى الولوالجي وتعقبه في فتح القدير بأنه أقوى من القتل المنهي عنه في قتل النساء والصبيان اللهم إلا أن يضطروا إلى ذلك بسبب عدم الحمل فيتركوا ضرورة وهو عجيب منه لأن الولوالجي صرح بأنه يفعل بالنساء والصبيان ذلك عند عدم إمكان الإخراج لا مطلقا فلا إشكال أصلا والمسألة مذكورة في المحيط أيضا وذكر بعده ولهذا قال علماؤنا إذا وجد المسلمون حية أو عقربا في دار الحرب في رحالهم ينزعون ذنب العقرب وأنياب الحية قطعا للضرر عن أنفسهم ولا يقتلونها لأن فيه منفعة الكفار وقد أمرنا بضده ا هـ. وفي التتارخانية نساء من أهل الإسلام متن في دار الحرب فيطأ أهل الحرب النساء الأموات قال يسعنا أن نحرقهن بالنار ا هـ. (قوله: وقسمة غنيمة في دارهم لا للإيداع) أي حرم قسمة الغنائم في دار الحرب لغير إيداع لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الغنائم في دار الحرب، والقسمة بيع معنى فتدخل تحته ولأن الاستيلاء إثبات اليد الحافظة والناقلة، والثاني منعدم لقدرتهم على الاستنقاذ ووجوده ظاهرا، والأصل عندنا أنه لا ملك قبل الإحراز بدار الإسلام فتحرم القسمة والبيع قبله ويشارك المدد العسكر قبله ولو من أهل الحرب إذا أسلموا بدارهم قبل الاستيلاء عليهم ولا يثبت نسب ولد أمة من السبي ادعاه بعض الغانمين قبله ويجب عقرها وتقسم الأمة والولد والعقر بين الغانمين ولا يورث نصيب من مات قبله ولا ضمان على من أتلف شيئا من الغنيمة قبله كذا ذكره الشارح وغيره وظاهره أن جميع تلك الأحكام إنما هي قبله أما بعده فالأحكام مختلفة، وليس كذلك فإنه لا ملك بعد الإحراز بدار الإسلام أيضا إلا بالقسم بدار الإسلام فلا يثبت بالإحراز ملك لأحد بل يتأكد الحق ولهذا لو أعتق واحد من الغانمين عبدا بعد الإحراز لا يعتق ولو كان هناك ملك مشترك عتق بعتق الشريك ويجري فيه ما عرف في عتق الشريك فحكم استيلاد الجارية بعد الإحراز قبل القسمة وقبله سواء نعم لو قسمت تلك الغنيمة على الرايات أو العرافة فوقعت جارية بين أهل راية صح استيلاد أحدهم لها فإنه يصح عتقه لها لأنها مشتركة بينه وبين أهل تلك الراية والعرافة شركة ملك لكن هذا إذا قلوا حتى تكون الشركة خاصة أما إذا كثروا فلا لأن بالشركة العامة لا تثبت ولاية الإعتاق والقليل مائة أو أقل وقيل أربعون. قال في المبسوط والأولى أن لا يوقت ويجعل موكولا إلى اجتهاد الإمام كذا في فتح القدير وفي التتارخانية قال المتأخرون وأحسن ما قيل فيه أن الجند إذا كان بحيث تقع بهم الشركة في الأغلب كانت الشركة فيما بينهم عامة وإن كانت بحيث لا تقع بهم الشركة في الغالب تكون شركة خاصة ا هـ. وفيها وفي المنتقى قال أبو يوسف إذا أعتق الإمام عبدا من الخمس جاز عتقه وولاؤه لجماعة المسلمين وليس له أن يوالي أحدا ا هـ. وفي المحيط ولو وطئ جارية لا يحد ويؤخذ منه العقر إن وطئها في دار الإسلام دون دار الحرب لأنه أتلف منافع بضعها ا هـ. وهذا هو الظاهر لأن الوطء في دار الحرب لا يجب فيه شيء وقد نقله في التتارخانية بصيغة قال محمد فكان هو المذهب قال وكذا إذا قتل واحدا من السبي أو استهلك شيئا من الغنيمة في دار الحرب فلا ضمان عليه لا فرق بين أن يكون المستهلك من الغانمين أو غيرهم وعبر بالحرمة دون الصحة. لأنه إذا قسم في دار الحرب مجتهدا أو قسم لحاجة الغانمين فصحيحة وإن قسم بلا اجتهاد أو اجتهد فوقع على عدم صحتها فغير صحيحة وقيد بغير الإيداع لأنها للإيداع جائزة وصورتها أن لا يكون للإمام من بيت المال حمولة يحمل عليها الغنائم فيقسمها بين الغانمين قسمة إيداع ليحملها إلى دار الإسلام ثم يرتجعها منهم فيها فإن أبوا أن يحملوها أجبرهم على ذلك بأجر المثل في رواية السير الكبير لأنه دفع ضرر عام بتحميل ضرر خاص كما لو استأجر دابة شهرا فمضت المدة في المفازة أو استأجر سفينة فمضت المدة في وسط البحر فإنه ينعقد عليها إجارة أخرى بأجر المثل ولا يجبرهم في رواية السير الصغير لأنه لا يجبر على عقد الإجارة ابتداء كما إذا نفقت دابته في المفازة ومع رفيقه دابة لا يجبر على الإجارة بخلاف ما استشهد به فإنه بناء وليس بابتداء وهو أسهل منه ولو كان في بيت المال أو في الغنيمة حمولة حمل عليها لأن الكل مالهم وفي الخانية ولو أن الإمام أودع الغنيمة إلى بعض الجند قبل القسمة ولا يبين ما فعل حتى مات لا يضمن شيئا وفي السير الكبير وإذا أراد أمير العسكر أن يرسل رسولا من دار الحرب إلى دار الإسلام بشيء من أموال المسلمين ولم يقدر الرسول أن يخرج إلا فارسا ولبعض العسكر فضل فرس فلا بأس بأخذ فرسه على كره منه ا هـ. (قوله: وبيعها قبلها) أي حرم بيع الغنائم قبل القسمة أطلقه فشمل ما قبل الإحراز وما بعده أما قبله لم يملكه وأما بعده فنصيبه مجهول فلا يمكنه أن يبيع وقد ورد النهي عن البيع قبل القسمة كما قدمناه. (قوله: وشرك الردء والمدد فيها) أي في الغنيمة لاستوائهم في السبب وهو المجاوزة أو شهود الوقعة وإذا لحقهم المدد في دار الحرب قبل أن يخرجوا الغنيمة إلى دار الإسلام شاركوهم فيها على ما قدمناه من الأصل وإنما ينقطع حق المشاركة عندنا بالإحراز أو بقسمة الإمام في دار الحرب أو ببيعه المغانم فيها لأن بكل منها يتم الملك فتنقطع شركة المدد والردء بكسر الراء وسكون الدال المهملة بعدها همزة بمعنى العون والمدد الجماعة الناصرون للجند وأفاد المصنف أن المقاتل وغيره سواء حتى يستحق الجندي الذي لم يقاتل لمرض أو غيره وأنه لا يتميز واحد على آخر بشيء حتى أمير العسكر، وهذا بلا خلاف لاستواء الكل في سبب الاستحقاق كذا في فتح القدير وفي المحيط المتطوع في الغزو وصاحب الديوان في الغنيمة سواء ا هـ. وفي التتارخانية إذا قسم الإمام الغنيمة ثم جاء رجل وادعى أنه شهد الوقعة وأقام عدلين فالقياس أن ينقض القسمة وفي الاستحسان لا ينقض ويعوض من بيت المال قيمة نصيبه ا هـ. (قوله: لا لسوقي بلا قتال) أي لا شركة للسوقي في الغنيمة إذا لم يقاتل لا سهما ولا رضخا لأنه لم توجد المجاوزة على قصد القتال فانعدم السبب الظاهر فيعتبر السبب الحقيقي وهو القتال فيقيد الاستحقاق على حسب حاله فارسا أو راجلا عند القتال وأشار المصنف إلى أن الحربي إذا أسلم في دار الحرب أو المرتد إذا أسلم ولحق بالجيش لا يستحق شيئا إن لم يقاتل صرح به في المحيط. وذكر الشارح أن السوقي إذا قاتل ظهر أن قصده القتال والتجارة تبع له فلا يضره كالحاج إذا اتجر في طريق الحج ولا ينقص أجره ا هـ. (قوله: ولا من مات فيها وبعد الإحراز بدارنا يورث نصيبه) لأن الإرث يجري في الملك ولا ملك قبل الإحراز وإنما الملك بعده كما قدمناه صرحوا في كتاب الوقف أن معلوم المستحق لا يورث بعد موته على أحد القولين وفي قول يورث ولم أر ترجيحا وينبغي أن يفصل فإن كان مات بعد خروج الغلة وإحراز الناظر لها قبل القسمة يورث نصيب المستحق لتأكد الحق فيه فإن الغنيمة بعد الإحراز بدارنا يتأكد الحق فيها للغانمين ولا ملك لواحد بعينه في شيء قبل القسمة مع أن النصيب يورث فكذا في الوظيفة وإن مات قبل الإحراز في يد المتولي لا يورث نصيبه قياسا على مسألة الغنيمة وسيأتي أن من مات من أهل الديوان قبل خروج العطاء لا يورث نصيبه سواء مات في نصف السنة أو آخرها ثم اعلم أن من مات في دار الحرب إنما لا يورث نصيبه إذا مات قبل القسمة أو قبل البيع أما إن مات بعد القسمة أو البيع في دار الحرب فإنه يورث نصيبه كما صرح به في التتارخانية. (قوله: وينتفع فيها بعلف وطعام وحطب وسلاح ودهن بلا قسمة) لما رواه البخاري عن ابن عمر أنه قال كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكل ولا نرفعه أطلقه ولم يقيده بالحاجة وقد شرطها في رواية ولم يشترطها في الأخرى وهو الاستحسان فيجوز للغني والفقير. وجه الأولى أنه مشترك فلا يباح الانتفاع به إلا لحاجة كما في الثياب والدواب. ووجه الأخرى «قوله عليه السلام في طعام خيبر كلوها واعلفوها ولا تحملوها» ولأن الحكم يدار على دليل الحاجة وهو كونه في دار الحرب وظاهر كلامهم أن السلاح لا يجوز له إلا بشرط الحاجة اتفاقا وقد صرح به في الظهيرية مع أن المصنف سوى بين الكل وأطلق الطعام فشمل المهيأ للأكل وغيره حتى يجوز لهم ذبح المواشي ويردون جلودها في الغنيمة وقيد جواز الانتفاع بما ذكر في الظهيرية بما إذا لم ينههم الإمام عن الانتفاع بالمأكول والمشروب أما إذا نهاهم عنه فلا يباح لهم الانتفاع به ا هـ. وينبغي أن يقيد بما إذا لم تكن حاجتهم إليه أما إذا احتاجوا إلى المأكول والمشروب لا يعمل نهيه وقيد بالمذكورات لأن ما لا يؤكل عادة لا يجوز لهم تناوله مثل الأدوية والطيب ودهن البنفسج وما أشبه ذلك للحديث: «ردوا الخيط والمخيط» كذا في الشرح ولا شك أنه لو تحقق بأحدهم مرض يحوجه إلى استعمالها كان له ذلك كلبس الثوب فالمعتبر حقيقة الحاجة ذكره في فتح القدير بحثا وقد صرح به في المحيط والضمير في قوله ينتفع عائد إلى الغانمين فخرج التاجر والداخل لخدمة الجندي بأجر لا يحل لهم إلا أن يكون خبزا لحنطة أو طبخ اللحم فلا بأس به حينئذ لأنه ملكه بالاستهلاك ولو فعلوا لا ضمان عليهم ويأخذ الجندي ما يكفيه ومن معه من عبيده ونسائه وصبيانه الذي دخلوا معه قالوا ولو احتاج الكل إلى الثياب والسلاح قسمها حينئذ ولم يذكر محمد قسمة السلاح ولا فرق كما ذكر المصنف لأن الحاجة في الثياب والسلاح واحد بخلاف السبي لا يقسم إذا احتيج إليه لأنه من فضول الحوائج لا أصولها. وفي المحيط وجد مسلم جارية مأسورة له في دار الحرب في أيديهم وقد دخل بأمان كرهت له غصبها ووطأها إلا إذا كانت مدبرة أو أم ولد له فلا يكره لأن المدبرة وأم الولد لا يملكونها بخلاف القنة لأنه بعقد الأمان ضمن أن لا يسرق ولا يغصب شيئا من أموالهم فإذا فعل ذلك كان نقضا فإن وطئ مدبرته أو أم ولده أهل الحرب لا يحل له وطؤها حتى تنقضي عدتها لأنهم باشروا الوطء على تأويل الملك فتجب العدة ويثبت النسب، والمأسور فيهم لا يكره له أن يسرق أمته وسائر أمواله ولا يقتلهم لأنه لا عهد بينه وبينهم وأموالهم وأنفسهم مباحة في حقنا ا هـ. (قوله: ولا نبيعها) لأنه لا ملك لهم ولا ضرورة إلى ذلك وأفاد أنهم لا يتمولونها كالمباح له الطعام أطلقه فشمل البيع بالدراهم والدنانير والعروض فإن باعه أحدهم قبل القسمة رد الثمن إلى الغنيمة لأنه بدل عين كان للجماعة وإن كان بعدها يتصدق به على الفقراء إن كان غنيا ويأكل إن كان فقيرا كذا في المحيط. وفي التتارخانية إذا دخل العسكر دار الحرب فصاد رجل منهم شيئا من الصيد بازيا أو صقرا أو ظبيا أو صاد سمكة كبيرة من البحر أو أصاب عسلا في جبال لا يملكه أهل الحرب أو أصاب جواهر من ياقوت وفيروزج وزمرد من معدن لا يملكه أهل الحرب أو أصاب معدن ذهب أو فضة أو رصاص أو حديد مما لا يملكه أهل الحرب سوى الحشيش والماء فإن جميع ذلك يكون مشتركا بينه وبين أهل العسكر فلا يختص به الآخذ فإن كان الآخذ باعه من التجار يقف على إجازة الأمير ثم الإمام ينظر في ذلك فإن كان المبيع قائما والثمن أنفع للعسكر من المبيع أجاز البيع وأخذ الثمن ورده في الغنيمة وقسمه بين الغانمين وإن كان المبيع أنفع لهم من الثمن فسخ البيع واسترد المبيع وجعله في الغنيمة وإن لم يكن المبيع قائما يجيز بيعه ويأخذ ثمنه ويرده في الغنيمة وهذا كله استحسان والقياس أن لا تعمل الإجازة بعد الهلاك ولو أن رجلا من الجند حش الحشيش في دار الحرب أو استسقى الماء ويبيعه من العسكر أو التجار كان بيعه جائزا وكان الثمن طيبا له ولو أخذ جندي خشبا فعمل منه قصاعا ثم أخرجها إلى دار الإسلام فإن الإمام يأخذ ذلك منه ثم يعطيه قيمة ما زاد من الصنعة فيه إن شاء وإن شاء باعه وقسم الثمن على قيمة هذا الخشب غير معمول وعلى قيمته معمولا فما أصاب غير المعمول كان في الغنيمة وما أصاب المعمول من ذلك يكون للعامل ولا يصير المصنوع ملكا للعامل بهذه الصنعة، وإن كانت الصنعة على هذا الوجه في ملك خاص لغيره يجعل المصنوع ملكا للصانع فينقطع حق صاحب الخشب، فأما إذا كان لا يضمن بالغصب فالصنعة لا توجب انقطاع حق المالك ألا ترى أن من غصب من آخر جلد ميتة وخاطها فروا ثم دبغها فإنه لا ينقطع حق صاحب الجلد عن الجلد بهذه الصنعة ولو أخرجت الغنيمة إلى دار الإسلام فأخذ آخر منها خشبا وجعله قصاعا أو غيرها فإنه يضمن قيمة الخشب وكان المصنوع للذي عمل لا سبيل للإمام عليه ا هـ. (قوله: وبعد الخروج منها لا) أي لا ينتفعون بشيء مما ذكر لزوال المبيح ولأن حقهم قد تأكد حتى يورث نصيبه فلا يجوز الانتفاع به بدون رضاهم. (قوله: وما فضل رد إلى الغنيمة) لزوال حاجته، والإباحة باعتبارها أطلقه وقيده في المحيط بأن يكون غنيا وإن كان فقيرا يأكل بالضمان لأنه ليس له أخذ الطعام بعد الإحراز فكذلك الإمساك لأن الحاجة قد ارتفعت وهذا إذا كان قبل القسمة وأما إذا كان بعدها باعها وتصدق بثمنها لأنه لا يمكنه القسمة لقلته فتعذر إيصاله إلى المستحق فيتصدق به كاللقطة ا هـ. (قوله: ومن أسلم منهم أحرز نفسه وطفله وكل مال معه أو وديعة عند مسلم أو ذمي دون ولده الكبير وزوجته وحملها وعقاره وعبده المقاتل) أي ومن أسلم من أهل الحرب في دار الحرب قبل أخذه ولم يخرج إلينا حتى ظهرنا على الدار إلى آخره وإنما يحرز نفسه لأن الإسلام ينافي ابتداء الاسترقاق وأولاده الصغار لأنهم مسلمون بإسلامه تبعا وكل مال هو في يده لقوله عليه السلام: «من أسلم على مال فهو له» ولأنه سبقت يده الحقيقة إليه يد الظاهرين عليه والوديعة لما كانت في يد صحيحة محترمة صارت كيده وخرج عنه عقاره لأنه في يد أهل الدار وسلطانها إذ هو من جملة دار الحرب فلم يكن في يده حقيقة فكان فيئا وقيل إن محمدا جعله كسائر أمواله وكذا عبده المقاتل لأنه لما تمرد على مولاه خرج من يده وصار تبعا لأهل داره وكذا أمته المقاتلة ولو كانت حبلى فهي والجنين فيء، كذا في المحيط. وأما ولده الكبير فهو فيء لأنه كافر حربي ولا تبعية وكذا زوجته وحملها جزء فيرق برقها والمسلم محل للتمليك تبعا لغيره بخلاف المنفصل لأنه حر لانعدام الجزئية عند ذلك قيد الوديعة لأن ما كان غصبا في يد مسلم أو ذمي فهو فيء عند الإمام خلافا لهما لأن المال تابع للنفس وقد صارت معصومة بإسلامه فيتبعها ماله فيها وله أنه مال مباح فيملك بالاستيلاء والنفس لم تصر معصومة بالإسلام ألا ترى أنها ليست بمتقومة إلا أنه محرم التعرض في الأصل لكونه مكلفا، وإباحة التعرض بعارض شره وقد اندفع بالإسلام بخلاف المال لأنه خلق عرضة للامتهان فكان محلا للتملك وليس في يده حكما فلم تثبت العصمة وقيد بالمسلم والذمي لأنها لو كانت وديعة عند حربي فهي فيء لأن يده ليست بمحترمة وقيدنا كون إسلامه قبل أخذه لأنه لو كان بعده فهو عبد لأنه أسلم بعد انعقاد سبب الملك فيه وكذا لو أسلم بعدما أخذ أولاده الصغار وماله ولم يؤخذ هو حتى لو أسلم أحرز بإسلامه نفسه فقط وقيدنا بكونه خرج إلينا بعد الظهور لأنه لو أسلم في دار الحرب ثم خرج إلينا ثم ظهر على الدار فجميع ماله هناك فيء إلا أولاده الصغار لإسلامهم تبعا له وماله لم يكن في يده للتباين وما أودع مسلما أو ذميا ليس فيئا لأن يدهما يد صحيحة عليه بخلاف وديعته عند الحربي فإنها فيء في ظاهر الرواية وقيدنا بكونه في دار الحرب لأن المستأمن إذا أسلم في دار الإسلام ثم ظهرنا على داره فجميع ما خلفه فيها من الأولاد الصغار والمال فيء لأن التباين قاطع للعصمة وللتبعية وقيد بالحربي إذا أسلم لأن المسلم أو الذمي إذا دخل دار الحرب بأمان واشترى منهم أموالا وأولادا ثم ظهرنا على الدار فالكل له إلا الدور والأرضين فإنها فيء لأن يده صحيحة وما كان له وديعة عند حربي فهو له في رواية أبي سليمان وهي الأصح وأشار المصنف بكون العقار فيئا إلى أن الزرع المتصل بالأرض قبل حصاده فيء تبعا للأرض كذا في فتح القدير قيدنا بالظهور على الدار لأنهم إذا أغاروا عليها ولم يظهروا فكذلك عند محمد وعند أبي حنيفة يصير ماله فيئا وإنما يحرز نفسه وولده الصغير وفي المحيط حربي دخل دارنا بغير أمان فهو فيء لجماعة المسلمين أخذ قبل الإسلام أو بعده عند أبي حنيفة والله أعلم. أفردها بفصل على حدة لكثرة شعبها والقسمة جمع نصيب شائع في معين قال الشارح يجب على الإمام أن يقسم الغنيمة ويخرج خمسها لقوله تعالى: {فأن لله خمسه} ويقسم الأربعة الأخماس على الغانمين للنصوص الواردة فيه وعليه إجماع المسلمين ا هـ. وفي التتارخانية ينبغي للإمام إذا أراد الدخول بدار الحرب أن يعرض العسكر ليعرف عددهم راجلهم وفارسهم ويكتب أسماءهم فمن كتب اسمه فارسا ثم مات فرسه بعدما جاوز الدرب استحق سهم الفارس ولو باعها لا يستحق إلا أن يستبدل فرسا آخر. (قوله: للراجل سهم وللفارس سهمان) يعني عند أبي حنيفة وقالا للفارس ثلاثة أسهم لما روى ابن عمر رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما» ولأن الاستحقاق بالكفاية وهي على ثلاثة أمثال الراجل لأنه للكر والفر والثبات والراجل للثبات لا غير ولأبي حنيفة ما روى ابن عباس رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى للفارس سهمين وللراجل سهما» فتعارض فعلاه فيرجع إلى قوله وقد قال عليه السلام: «للفارس سهمان وللراجل سهم» كيف وقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم للفارس سهمين» وإذا تعارضت روايتاه ترجحت رواية غيره ولأن الكر والفر من جنس واحد فيكون غناؤه مثل غناء الراجل فيفضل عليه بسهم ولأنه تعذر اعتبار مقدار الزيادة لتعذر معرفته فيدار الحكم على سبب ظاهر وللفارس سببان النفس والفرس وللراجل سبب واحد فكان استحقاقه على ضعفه، كذا في الهداية وتعقبه في العناية بأن طريقة استدلاله مخالفة لقواعد الأصول فإن الأصل أن الدليلين إذا تعارضا وتعذر التوفيق والترجيح يصار إلى ما بعده لا إلى ما قبله وهو قال فتعارض فعلاه فيرجع إلى قوله والمسلك المعهود في مثله أن يستدل بقوله ويقول فعله لا يعارض قوله لأن القول أولى بالاتفاق ا هـ. وقد تقدم نظيره في باب سجود السهو وفي المحيط والفارس في السفينة في البحر يستحق سهمين وإن لم يمكنه القتال على الفرس في السفينة لأنه إن لم يباشر القتال على الفرس فقد تأهب للقتال على الفرس والمتأهب للشيء كالمباشر ا هـ. أطلق في الفارس وهو من معه فرس فشمل الفرس المملوك والمستأجر والمستعار والمغصوب إذا لم يسترده فإن استرده صاحبه قبل المقاتلة فسيأتي وفي التتارخانية وهل يتصدق الغاصب بالسهم الذي كان لفرسه حكي عن الفقيه أبي جعفر أنه قال على قياس قول أبي حنيفة ومحمد يتصدق وعلى قياس قول أبي يوسف لا يتصدق وسئل الخجندي عمن استأجر أجيرا للخدمة في سفره ولحرس ماله فذهب على الشرط إلى دار الحرب ثم غزا هذا الأجير بفرس المستأجر وسلاحه مع الكفار وأخذ منهم غنائم كثيرة لمن تكون قال إن شرط هذا المستأجر أن ما أصاب الأجير يكون للمستأجر يكون له وإن استأجره للخدمة فحسب فالمصاب يكون بينهما. (قوله: ولو له فرسان) يعني لو كان له فرسان لا يستحق إلا سهمين فلا يسهم إلا لفرس واحدة وقال أبو يوسف يسهم لفرسين لما روي: «أنه عليه السلام أسهم لفرسين» ولأن الواحدة قد يعي فيحتاج إلى الآخر ولهما «أن البراء بن أوس قاد فرسين فلم يسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لفرس» ولأن القتال لا يتحقق بفرسين دفعة واحدة فلا يكون السبب الظاهر مفضيا إلى القتال عليهما فيسهم لواحد ولهذا لا يسهم لثلاثة أفراس وما رواه محمول على التنفيل كما أعطى سلمة بن الأكوع رضي الله عنه سهمين وهو راجل وفي النهاية وهذه المسألة نظير ما بينا في النكاح أن المرأة لا تستحق النفقة إلا لخادم واحد عن أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف تستحق النفقة لخادمين. (قوله: والبراذين كالعتاق) لأن الإرهاب مضاف إلى جنس الخيل في الكتاب قال الله تعالى: {ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} واسم الخيل ينطلق على البراذين والعراب والهجين والمقرف إطلاقا واحدا ولأن العربي إن كان في الطلب والهرب أقوى فالبرذون أصبر وألين عطفا ففي كل منهما منفعة معتبرة فاستويا والبرذون التركي من الخيل والجمع البراذين وخلافها العراب، والأنثى برذونة وعتاق الخيل والطير كرائمها كذا في المغرب وفي شرح النقاية العتاق بكسر العين كرام الخيل العربية والبراذين خيل العجم والهجين الذي أبوه عربي وأمه عجمية والمقرف عكسه. (قوله: لا الراحلة والبغل) أي لا يكونان كالعتاق فلا يسهم لهما لأن الإرهاب لا يقع بهما إذ لا يقاتل عليهما. (قوله: والعبرة للفارس والراجل عند المجاوزة) لأن المجاوزة نفسها قتال لأنهم يلحقون الخوف بها والحالة بعدها حالة الدوام ولا معتبر بها ولأن الوقوف على حقيقة القتال متعسر وكذا على شهود الوقعة لأنه حالة التقاء الصفين فتقام المجاوزة مقامه إذ هو السبب المفضي إليه ظاهرا إذا كان على قصد القتال فيعتبر حال الشخص حالة المجاوزة فارسا أو راجلا فلو دخل دار الحرب فارسا فنفق فرسه استحق سهم الفرسان ولو كان بقتل رجل وأخذ القيمة منه فإذا بقي فرسه وقاتل راجلا لضيق المكان يستحقه بالطريق الأولى وإن دخلها راجلا فاشترى فرسا استحق سهم راجل، وهذا إذا هلك فرسه فإن دخلها فارسا ثم باعه أو رهنه أو أجره أو وهبه فإنه لا يستحق سهم الفارس في ظاهر الرواية لأن الإقدام على هذه التصرفات يدل على أنه لم يكن من قصده بالمجاوزة القتال فارسا وكذا إذا باعه حال القتال على الأصح لدلالته على غرض التجارة إلا إذا باعه مكرها كما في التتارخانية بخلاف ما إذا باعه بعد انقضاء الحرب فإنه يستحق سهم الفارس وفي الخلاصة ولو أعاره ففيه روايتان وأما إذا دخل على فرس مغصوب أو مستعار أو مستأجر ثم استرده المالك فقاتل راجلا ففيه روايتان ولم أر ترجيحا وينبغي ترجيح استحقاق سهم الفارس لحصول الإرهاب ولا صنع له في الاسترداد فصار كالهلاك بخلاف البيع وقد كتبته قبل مراجعة ما في فتح القدير ثم رأيته قال بعد ذكر الروايتين ومقتضى كونه جاوز بفرس لقصد القتال عليه ترجيح الاستحقاق إلا أن يزاد في أجزاء السبب بفرس مملوك وهو ممنوع فإنه لو لم يسترد المعير وغيره حتى قاتل عليه كان فارسا ا هـ. قالوا ويشترط أن يكون الفرس صالحا للقتال بأن يكون صحيحا كبيرا حتى لو دخل بمهر أو مريض لا يستحق سهم الفرسان لأنه لا يقصد به القتال وفي التتارخانية لو زال المرض وصار بحال يقاتل عليه قبل الغنيمة فالقياس أن لا يسهم له وفي الاستحسان يسهم له بخلاف ما إذا طال المكث في دار الحرب حتى بلغ المهر وصار صالحا للركوب فقاتل عليه لا يستحق سهم الفرسان ا هـ. وكان الفرق هو أن الإرهاب حاصل بالكبير المريض في الجملة بخلافه في المهر وفيها لو غصب فرسه منه قبل الدخول فدخل راجلا ثم استرده فيها سهم الفارس، وكذا لو ركب رجل عليه ودخل دار الحرب وكذا لو نفر الفرس فاتبعه ودخل راجلا وكذا إذا ضل منه فدخل راجلا ثم وجده فيها فإن صاحبه لا يحرم سهم الفرس ولو وهبها ودخل راجلا ودخل الموهوب له فارسا ثم رجع فيها استحق الموهوب له في الغنيمة سهم الفارس فيما أصابه قبل الرجوع وسهم الراجل فيما أصيب بعده والراجع راجل مطلقا كالبائع فاسدا في دار الإسلام إذا استرده في دار الحرب للفساد وكالمستحق للفرس في دار الحرب وكالراهن إذا افتكها فيها ولو باعها ثم وهب له أخرى وسلمت كان فارسا ولو استردها المؤجر أو المعير فملك غيرها بشراء أو هبة فالثانية تقوم مقام الأولى ولو كان الأول بإجارة والثاني كذلك أو بعارية والثاني كذلك فالثاني يقوم مقام الأول ولو كان الأول بإجارة والثاني عارية فإنه لا يقوم مقامه. ولو اشتراها في دار الإسلام وتقابضا في دار الحرب فهما راجلان، ولو نقده قبل الدخول وقبضها بعده فالمشتري فارس والفرس المشترك بين رجلين يقاتل هذا مرة وهذا أخرى لا سهم له إلا إذا أجر أحدهما نصيبه من شريكه قبل الدخول فالسهم للمستأجر ا هـ. (قوله: وللمملوك والمرأة والصبي والذمي الرضخ لا السهم) لأنه عليه السلام كان لا يسهم للنساء والصبيان والعبيد وكان يرضخ لهم ولما استعان النبي صلى الله عليه وسلم باليهود على اليهود لم يعطهم شيئا من الغنيمة يعني لم يسهم لهم ولأن الجهاد عبادة والذمي ليس من أهلها والرضخ في اللغة إعطاء القليل وهنا إعطاء القليل من سهم الغنيمة وظاهر ما في المختصر أنه يرضخ لهم مطلقا وليس كذلك بل إنما يرضخ للعبد إذا قاتل لأنه دخل لخدمة المولى فصار كالتاجر والمرأة وكذا الصبي لأنه مفروض بأن يكون له قدرة عليه والمرأة إنما يرضخ لها إذا كانت تداوي الجرحى وتقوم على المرضى لأنها عاجزة عن حقيقة القتال فيقام هذا النوع من الإعانة مقام القتال بخلاف العبد لأنه قادر على حقيقة القتال كذا في الهداية وظاهره تخصيص هذا النوع من الإعانة وليس كذلك فقد قال الولوالجي إن الإعانة منها قائمة مقام القتال كخدمة الغانمين وحفظ متاعهم ا هـ. وهو الحق كما لا يخفى والذمي إنما يرضخ له إذا قاتل أو دل على الطريق لأنه فيه منفعة للمسلمين إلا أنه يزاد على السهم في الدلالة إذا كانت فيه منفعة عظيمة ولا يبلغ فيه السهم إذا قاتل لأنه جهاد، والأول ليس من عمله فلا يسوى بينه وبين المسلم في حكم الجهاد ودل كلامهم على أنه يجوز الاستعانة بالكافر على القتال إذا دعت الحاجة إلى ذلك كما قدمناه وأطلق العبد فشمل المكاتب لقيام الرق وتوهم عجزه فيمنعه المولى عن القتال وقيد بالمذكورين لأن الأجير لا يسهم له ولا يرضخ لعدم اجتماع الأجر والنصيب من الغنيمة إلا إذا قاتل فإنه يسهم له كما قدمناه وفي التتارخانية لو أعتق العبد يرضخ له فيما أصيب من الغنيمة قبل عتقه والذمي المقاتل مع الإمام إذا أسلم يضرب له بسهم كامل فيما أصيب بعد إسلامه ا هـ. وظاهر ما في الولوالجية أن العبد يرضخ له بشرطين أذن المولى بالقتال له وأن يقاتل فعليه لو قاتل بلا إذن لا يرضخ له ولم يذكر المصنف المجنون وفي الولوالجية ويرضخ للصبي والمجنون لأن السبب وجد في حقهما وهو القتال إلا أنهما تبع فصارا كالعبد مع المولى ا هـ. (قوله: والخمس لليتامى والمساكين وابن السبيل وقدم ذوو القربى الفقراء منهم عليهم ولا حق لأغنيائهم) لأن الخلفاء الأربعة الراشدين رضي الله عنهم أجمعين قسموه على ثلاثة أسهم على نحو ما قلنا وكفى بهم قدوة وقال عليه السلام: «يا معشر بني هاشم إن الله تعالى كره لكم غسالة الناس وأوساخهم وعوضكم منها بخمس الخمس» والعوض إنما يثبت في حق من يثبت في حقه المعوض وهم الفقراء والنبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم للنصرة ألا ترى أنه عليه السلام علل فقال: إنهم لم يزالوا معي هكذا في الجاهلية والإسلام وشبك بين أصابعه لأن المراد من النصر قرب النصرة لا قرب القرابة واليتيم صغير لا أب له فيدخل فقراء اليتامى من ذوي القربى في سهم اليتامى المذكورين دون أغنيائهم، والمسكين منهم في سهم المساكين وفقراء أبناء السبيل. فإن قيل فلا فائدة حينئذ في ذكر اسم اليتيم حيث كان استحقاقه بالفقر والمسكنة لا باليتم أجيب بأن فائدته دفع توهم أن اليتيم لا يستحق من الغنيمة شيئا لأن استحقاقها بالجهاد واليتيم صغير فلا يستحقها ومثله ما ذكر في التأويلات للشيخ أبي منصور لما كان فقراء ذوي القربى يستحقون بالفقر فلا فائدة في ذكرهم في القرآن أجاب بأن أفهام بعض الناس قد تقتضي إلى أن الفقير منهم لا يستحق لأنه من قبيل الصدقة ولا تحل لهم وفي الحاوي القدسي وعن أبي يوسف أن الخمس يصرف لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وبه نأخذ ا هـ. فهذا يقتضي أن الفتوى على الصرف إلى الأقرباء الأغنياء فليحفظ وفي التحفة هذه الثلاثة مصارف الخمس عندنا لا على سبيل الاستحقاق حتى لو صرف إلى صنف واحد منهم جاز كما في الصدقات كذا في فتح القدير وأطلق في ذوي القربى وهو مقيد ببني هاشم وبني المطلب دون غيرهم لأنه عليه الصلاة والسلام وضع سهم ذوي القربى في بني هاشم وبني المطلب وترك بني نوفل وبني عبد شمس مع أن قرابتهم واحدة لأن عبد مناف الجد الثالث للنبي صلى الله عليه وسلم وأولاد هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس. (قوله: وذكره تعالى للتبرك) أي للتبرك باسمه تعالى في افتتاح الكلام بقوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} لأن جميع الأشياء له إذ هو الغني على الإطلاق لأن السلف رضي الله عنهم فسروه بما ذكر و به اندفع ما ذكره أبو العالية بأن سهم الله تعالى ثابت يصرف إلى بناء بيت الكعبة إن كانت قريبة وإلا فإلى مسجد كل بلدة ثبت فيها الخمس. (قوله: وسهم النبي عليه السلام سقط بموته كالصفي) لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحقه برسالته ولا رسول بعده والصفي شيء كان النبي عليه السلام يصطفيه لنفسه من الغنيمة مثل درع أو سيف أو جارية وقال الشافعي رضي الله عنه يصرف سهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الخليفة والحجة عليه ما قدمناه. (قوله: وإن دخل جمع ذوو منعة دارهم بلا إذن خمس ما أخذوا وإلا لا) أي وإن لم يكونوا ذوي منعة لا يخمس لأن الغنيمة هو المأخوذ قهرا وغلبة لا اختلاسا وسرقة والخمس وظيفتها والقهر موجود في الأول والاختلاس في الثاني ولا يضر كونه بغير إذن الإمام لأنه يجب عليه أن ينصرهم إذ لو خذلهم كان فيه وهن بالمسلمين بخلاف الواحدة والاثنين لا يجب عليه نصرتهم والتقييد بغير إذن الإمام ليس احترازيا لأنه لو كان بإذن الإمام ولهم منعة فإنه يخمس بالأولى ولو لم يكن له منعة كواحد أو اثنين دخل بإذن الإمام ففيه روايتان والمشهور أنه يخمس لأنه لما أذن لهم الإمام فقد التزم نصرتهم بالإمداد فصار كالمنعة فالحاصل أن الداخل بإذن الإمام يخمس ما أخذه مطلقا وبغير إذنه فإن كان ذا منعة خمس وإلا لا وفي المحيط لو قال الإمام ما أصبتم فهو لكم لا خمس فيه فإن كانوا لا منعة لهم جاز وإن كان لهم منعة لا يجوز لأن الخمس في الأول واجب بقول الإمام فله أن يبطله بقوله بخلافه في الثاني ولذا لو دخلوا بغير إذنه خمس ما أخذوه. (قوله: وللإمام أن ينفل بقوله من قتل قتيلا فله سلبه وبقوله للسرية جعلت لكم الربع بعد الخمس) أي بعدما دفع الخمس للفقراء لأن التحريض مندوب إليه قال الله تعالى: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} وهذا نوع تحريض فلو قال المصنف: ويستحب للإمام لكان أولى. وقول من قال لا بأس للإمام لا يخالفه لأنها تستعمل في المندوب أيضا كما تقدم في الجنائز فلم تكن مطردة لما تركه أولى ثم قد يكون التنفيل بما ذكر وقد يكون بغيره كالدراهم والدنانير أو بقول من أخذ شيئا فهو له فما ذكر في المختصر مثال لا قيد لكن قالوا لو قال للعسكر كل ما أخذتم فهو لكم بالسوية بعد الخمس أو للسرية لم يجز لأن فيه إبطال السهمان الذي أوجبها الشرع إذ فيه تسوية الفارس بالراجل وكذا لو قال ما أصبتم فهو لكم ولم يقل بعد الخمس لأن فيه إبطال الخمس الثابت بالنص ذكره في السير الكبير قال في فتح القدير وهذا بعينه يبطل ما ذكرناه من قوله من أصاب شيئا فهو له لاتحاد اللازم فيهما وهو بطلان السهمان المنصوصة بالتسوية بل وزيادة حرمان من لم يصب شيئا أصلا بانتهائه فهو أولى بالبطلان والفرع المذكور من الحواشي وبه أيضا ينتفي ما ذكر من قوله أنه لو نفل بجميع المأخوذ جاز إذا رأى المصلحة وفيه زيادة إيحاش الباقين وزيادة الفتنة ا هـ. ويدخل الإمام نفسه في قوله من قتل قتيلا استحسانا لأنه ليس من باب القضاء ولا تهمة بخلاف ما إذا خصص نفسه بقوله من قتلته للتهمة إلا إذا عمم بعده كما في الظهيرية وبخلاف ما إذا خصهم بقوله من قتل قتيلا منكم فإن الإمام لا يستحق كما في التتارخانية. وإذا اشترك رجلان في قتل حربي اشتركا في سلبه وقيده في شرح الطحاوي بأن يكون المقتول مبارزا يقاوم الكل فإن كان عاجزا لا يستحقون سلبه ويكون غنيمة وإن قيده الإمام بقوله وحده لا يستحقان سلبه ولو كان الخطاب لواحد فشاركه آخر استحق المخاطب وحده ولو خاطب واحدا فقتل المخاطب رجلين فله سلب الأول خاصة إلا إذا قتلهما معا فله واحدة والخيار في تعيينه للمقاتل لا للإمام ولو كان على العموم فقتل رجل اثنين فأكثر استحق سلبهما ويستحق السلب من يستحق السهم أو الرضخ فيشتمل الذمي والتاجر والمرأة والعبد ولا بد أن يكون المقتول منهم مباح القتل حتى لا يستحق السلب بقتل النساء والمجانين والصبيان الذين لم يقاتلوا ولا يشترط في استحقاق السلب سماع القاتل مقالة الإمام حتى لو قتل من لم يسمع فله السلب لأنه ليس في وسع الإمام إسماع الأفراد وإنما وسعه إشاعة الخطاب وقد وجد. ولو نفل السرية بالربع وسمع العسكر دونها فلهم النفل استحسانا كذا في الظهيرية وفي التتارخانية من قتل قتيلا فله سلبه يقع على كل قتال في تلك السفر ما لم يرجعوا وإن مات الوالي أو عزل ما لم يمنعه الثاني وإن قال حالة القتال يتعين ذلك ولو قال من دخل دار الحرب بدرع فله كذا، جاز، وكذا بدرعين ولا يجوز ما زاد إلا إذا كان فيه منفعة للمسلمين بخلاف ما إذا قال من دخل بفرس كذا فإنه لا يجوز والرماح والأقواس كالدرع وقيد المصنف بالإمام لأن أمير السرية إذا نهاه الإمام عن التنفيل فليس له أن ينفل إلا إذا رضي العسكر بنفله فيجوز من الأربعة الأخماس وإن لم ينهه له ذلك لأنه قائم مقام الإمام ولو نفل الإمام السرية بالثلث بعد الخمس ثم أن أميرها نفل لفتح الحصن أو للمبارزة بغير أمر الإمام فإن نفل من حصة السرية يجوز ولا يجوز من سهام العسكر إلا إذا رجعت السرية إلى دار الإسلام قبل لحاق العسكر فإن نفل أميرهم جائز من جميع ما أصابوا لأنه لا شركة للعسكر معهم فجاز نفل أمير السرية وبطل نفل أمير العسكر ولا فرق في النفل بين أن يكون معلوما أو مجهولا فلو قال من جاء منكم بشيء فله منه طائفة فجاء رجل بمتاع وآخر بثياب وآخر برءوس فالرأي للأمير ولو قال له منه قليل أو يسير أو شيء أعطاه أقل من النصف والجزء النصف وما دونه وسهم رجل من القوم يعطيه سهم الراجل ولو قال من جاء بألف فله ألفان فجاء بألف لا يعطى إلا الألف ولو قال من جاء بالأسير فله الأسير وألف درهم فإنه يعطى ذلك والفرق وتمام التفريعات في المحيط. والتنفيل إعطاء الإمام الفارس فوق سهمه وهو من النفل وهو الزائد ومنه النافلة الزائد على الفرض ويقال لولد الولد كذلك أيضا ويقال نفله تنفيلا ونفله بالتخفيف نفلا لغتان فصيحتان. (قوله: وينفل بعد الإحراز من الخمس فقط) لأن حق الغير تأكد فيه بالإحراز ولا حق للغانمين في الخمس والمعطى من المصارف له والتنفيل منه إنما هو باعتبار الصرف إلى أحد الأصناف الثلاثة، ولذا قال في الذخيرة لا ينبغي للإمام أن يضعه في الغني ويجعله نفلا له بعد الإصابة لأن الخمس حق المحتاجين لا الأغنياء فجعله للأغنياء إبطال حقهم ا هـ. لكن تصريحهم بأنه تنفيل يدل على جوازه للغني ومن العجيب قول الزيلعي لا يجوز للغني فإن ظاهر ما في الذخيرة عدم الحرمة. (قوله: والسلب للكل إن لم ينفل) أي لا يختص به القاتل عندنا لأنه مأخوذ بقوة الجيش فيكون غنيمة فيقسم بينهم قسمة الغنائم كما نطق به النص «وقال عليه السلام لحبيب بن أبي سلمة ليس لك من سلب قتيلك إلا ما طابت به نفس إمامك» وأما قوله عليه السلام: «من قتل قتيلا فله سلبه» فيحتمل نصب الشرع ويحتمل التنفيل فنحمله على الثاني لما روينا. (قوله: وهو مركبه وثيابه وسلاحه وما معه) أي السلب ما ذكر للعرف وفي المغرب السلب المسلوب وعن الليث والأزهري كل ما على الإنسان من اللباس فهو سلب وللفقهاء فيه كلام ا هـ. وفي القاموس السلب بالتحريك ما يسلب وجمعه أسلاب ودخل في مركبه ما كان عليه من سرج وآلة وما مع المقتول شامل لما كان في وسطه أو على دابته وما عدا ذلك مما هو مع غلامه أو في بيته أو في خيمته فليس بسلب أطلقه فشمل ما إذا كان السلب عند المشرك عارية من صبي أو امرأة لأنه يستغنم مالهما كمال البالغ وما إذا كان السلب ملكا لمسلم دخل دارهم بأمان فغصبه المشرك المقتول لأنه ملكه بالاستيلاء فانقطع ملك المسلم عنه ولو أخذ المشركون سلب المقتول ثم انهزموا فهو غنيمة ولا شيء للقاتل لأنهم ملكوه بالاستيلاء فبطل ملك القاتل ثم ملكه الغزاة وإن لم يدر أنهم أخذوه فإن كان منزوعا عنه فهو فيء لإثبات يدهم عليه بالنزع وإلا فهو للقاتل وإن جره المشركون أو حملوه على دابته وعليها سلاحه بخلاف ما إذا حملوا أسلحتهم وأمتعتهم عليها فإنه فيء ولو وجد على دابة بعدما سار العسكر مرحلة أو مرحلتين ولا يدري أكان في يد أحد أو لا فهو للقاتل قياسا لا استحسانا ولو قال من قتل قتيلا فله فرسه فقتل راجل راجلا ومع غلامه فرسه قائم بجنبه بين الصفين يكون للقاتل فرسه إذا كان فرسه مع غلامه بقرب منه لأن مقصود الإمام قتل من كان متمكنا من القتال فارسا، وهذا كذلك وإن لم يكن بجنبه في الصف فلا يكون له ولو قتل مشركا على برذون كان له لأنه يسمى فارسا ولو كان على حمار أو بغل أو حمل لا يستحق السلب لأن راكب هذه الأشياء لا يسمى فارسا ولذا لا يستحق سهم الفارس كذا في المحيط. وبه علم أن ما ذكره الشارح عن المحيط بأنه قال الإمام من قتل قتيلا فله سلبه سبق قلم وإنما المذكور في المحيط فله فرسه والدليل عليه أنه قال آخرا لو كان راكبا على بغل ونحوه لا يكون له ولو كان التنفيل بلفظ السلب لاستحقه لأن المركب أعم منه ومن الفرس قال في القاموس المركب كمقعد واحد مراكب البر والبحر ا هـ. وفي الهداية ثم حكم التنفيل قطع حق الباقين فأما الملك فإنما يثبت بعد الإحراز بدار الإسلام لما مر من قبل حتى لو قال الأمير من أصاب جارية فهي له فأصابها مسلم فاستبرأها لم يجز له وطؤها وكذا لا يبيعها هذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد له أن يطأها ويبيعها لأن التنفيل يثبت به الملك عنده كما يثبت بالقسمة في دار الحرب والشراء من الحربي ووجوب الضمان بالإتلاف قد قيل على هذا الاختلاف ا هـ. والله سبحانه وتعالى أعلم.
|